يوم للفرح

قصص وحكايات للأطفال بمساعدة الكبار ..

الجمعة، 23 مايو 2008

حكيم فوق شجرة - تتلى أو تقرأ عندما تتعامل مع الآخرين

قالت الضفدعة لنفسها : سأصنع لنفسى مركبا ، أجوب به أنحاء البركة .
كانت الضفدعة – وهذا مفهوم من قولها – تعيش بالقرب من إحدى البرك ، ولقد سمعها الهدهد ، الذى كان يلتقط بعض الديدان ، فتوقف عما يفعل مندهشا ، وصاح يقول : إذا كان لى جناحان ، فلماذا أركب طائرة ؟!
كانت ملاحظة ذكية ، ومن يملك فهما ، فسوف تصل إليه حكمتها مباشرة ، ولقد سمعت الضفدعة الهدد جيدا، وعرفت أنه يقصدها بقوله ، إذ أنها تملك رجلين خلفيتين طويلتين بهما أغشية جلدية ، وهما رجلان تشبهان المجداف ، وتستطيع السباحة بهما ، دون مشقة فى مياه البركة ، فتذهب إلى حيث تشاء .
صاحت الضفدعة : انتبه لنفسك ، ودع الآخرين ، ولا تتدخل فى شئونهم .
لاحظ الهدهد أن الجندب قد سكت عن الصفير المزعج ، واقترب من الضفدعة قائلا : أما أنا فسوف أصنع نفيرا ، أنفخ فيه بعض الألحان .
لم يتحمل الهدهد هذه الكلمات ، وكان لابد أن يقول : إذا كنت أستطيع الصفير ، فلماذا أرهق أنفاسى بالنفخ فى نفير ؟!
لم يعلق الجندب ، فقد عرف أن الهدهد يقصده ، فهو له أجنحة دائمة الحركة ، ويصدر عن هذه الحركة صفير معروف عن الجندب .
طار الهدهد وارتفع ، ثم هبط على أحد الأفرع لشجرة مزروعة على حافة البركة ، كان يشاهد من مكانه الجديد كيف اقترب الجندب من الضفدعة ، والضفدعة قد اقتربت من الجندب ، وأخذا يتهامسان طويلا ، مما أصابه بالضيق والضجر، فصاح: ما دام لى أذنان ، وأستطيع الكلام ، وأملك الحقيقة ، فلماذا أهمس ؟!
كانت الحرب قد بدأت عقب هذا القول ، وتلقى الهدهد قذيفة من طين البركة ، وحصوة من الجندب ، حتى أنه فقد توازنه، وهوى من فوق فرع الشجرة ، الذى كان يقف عليه ، وكاد رأسه يصطدم بالأرض ، لولا أنه استطاع أن يقوم بمناورة بارعة بجناحيه ، واعتدل مستقبلا الأرض بقدميه ، وخاطب كلا من الضفدعة والجندب بكل طيبة قائلا : لماذا ؟! ماذا فعلت لكما لتفعلا هذا معى ؟!
قالت الضفدعة : لقد أوقعتنى فى الحرج .
صاح الهدهد : أنا ؟!
وقال الجندب : نعم .. أنت أيها الهدهد أوقعتنى فى الحرج أيضا.
صاح الهدهد مندهشا : أنا ؟! كيف كان هذا ؟!
قالت الضفدعة : أنا كنت أحدث نفسى ، وأنت لم تترك لى الفرصة لأتأمل إن كنت على خطأ أو صواب .
وقال الجندب : لم تترك لى الفرصة لأعرف هل هو قول جاد ، أم أنه حلم من أحلام اليقظة يذهب كما جاء .
ضحك الهدهد كثيرا ، حتى أن عدوى الضحك انتقلت إلى كل من الضفدعة والجندب ، وبعد أن انتهى الضحك ، قال الهدهد : صديقاى .. لقد تعلمت منكما درسا اليوم ، وأنا الذى كنت أظن أننى حكيم .. لقد تسرعت .. أرجو عفوكما .
وعاد الهدهد إلى فرع الشجرة ، وهو أكثر حكمة عما قبل ..

الاثنين، 19 مايو 2008

الفصيــــــــــــح - تقرأ دائما بهدوء وحكمة

ظهر فى أحد أجيال الفئران فأر يملك لسانا يعرف سر الكلمات ، وسحرها ..

وكان الفأر أعلم بمضغ فيه ، فحين يقف فى جمع الفئران ويتكلم ، يدير الرؤوس، وتلفها نشوة، وتحلق أدمغتها فى خيال شائق وممتع ..

كل فأر يتمثل نفسه أسدا ، وقد كانوا يعرفون ما هو الأسد فهنا واحد يسكن بجوارهم ، ولكنهم لم يتعاملوا معه من قبل ، فأى علاقة يمكن أن تكون بين أسد وفأر ؟!

صاحت الفئران ، والفأر يخطب فيهم : أنت خطيبنا .. أنت اللبيب بيننا .. أنت حكيمنا ..

كانت الأمور يمكن لها أن تتوقف عند هذا الحد .. لسان فصيح يقابله إعجاب وتقدير ، ولكن الفأر المتكلم رأى روعة الاستقبال فى المحافل ، تودعه الأكف بالتصفيق المتواصل ، والمطالبة لا تهدأ باستعادته ليتكلم ..

صار كل فأر يفخر بنفسه ويختال ..

فى إحدى المرات أخذت الحماسة الفأر إلى السماء حيث النجوم تتلألأ ، فكأنه استطال حتى أمسك بها .. صرخ الفأر : لسنا مثل النعامة لاطير ، ولا جمل ..

وانزلقت رجله أكثر وهو يصيح : إن البغاث ( * ) بأرضنا يستنسر ( * )

وانزلق الفأر أكثر إلى مهاو لا جدران لها ولا منفذ حين قال : الأسود ضئيلة الشأن بجانب الفئران النبيلة الأصل ..

هاجت الفئران وألهب التصفيق أكفها ، وقامت مجموعة منها تهتف بسقوط الأسود ، ثم أنهت هتافها بهذا القول : إن كان الأسد ريحا ، فقد لاقى إعصارا ..

عاشت الفئران .. عاشت الفئران .. عاشت .. عاشت ..

أشار الفأر بيديه لتهدأ الفئران ، ثم أكسب صوته نبرة ذات دلالة وخطر ، وقال : الفئران أسود حقيقية .

وحتى يقنع الفئران بهذا القول أردف يقول : الأسود لها شوارب ونحن لنا شوارب .. الأسود لها أسنان ، ونحن لنا .. الأسود تأكل اللحم ونحن نأكله.. الأسود لها ذيل ، ونحن لنا ذيول ..

تأمل الفأر لحظة عيون الفئران ، فوجد الدهشة تسكن فيها ، فقال بسرعة : صحيح أن الأسود كبيرة الحجم ، ونحن صغار الحجم .. هذا لا يهم ..

أجابته الفئران : صحيح .. وماذا تقول فى هذا ؟!

قال الفأر : إن المثل السائر يقول " يضع سره فى أضعف خلقه " ونحن نملك سر القوة .. نحن أذكى من الأسد ..

عند هذا كانت الفئران قد وصلت إلى قمة الإثارة ، فصرخت طالبة بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح ، واتخذت القرار النهائى حين قالت : لابد من إخضاع الأسد.. سنقبض على الأسد ، ليعمل فى خدمة الفئران ..

كونت الفئران جيشا وافر الجنود ، وانطلقت إلى عرين الأسد ، وكان الفأر المتكلم يتقدم هذا الجيش ، يخطب الخطب الحماسية ، والجميع منجذب إليه ، لا يرى إلا خطيبه المفوه ..

وصلت الفئران إلى قرب عرين الأسد ، واصطفوا إيذانا بالهجوم ..

اندهش الأسد من هذا الضجيج المزعج ، وخرج يستطلع أسبابه ، فلما شاهد الفئران تعجب من هذا الفأر الذى يقودها ، ويبح صوته ، ويتكلم كلاما غيرلائق عنه ..ضرب الأسد الأرض ، وتصاعد التراب ، وفغر فاه ، فلمعت أنيابه الهائلة ، وفجأة دوى شىء ما ورعد ، كأن آلاف الأحجار تدحرجت من أعلى جبل .. كان الأسد يزأر ..وفى اندفاع المذعورين تقهقرت الفئران وتراجعت ، وفى تراجعها الخائف داست على الفأر الخطيب ، فسكت عن الكلام نهائيا ، وعرفت الفئران أن الكلام سهل ، أما القدرة على الفعل فشىء آخر

.................................................. .........

* البغاث : الطيور الصغيرة التى لا تصيد كالعصافير وغيرها.

* يستنسر : يصير نسرا .

السبت، 17 مايو 2008

الغنيـــمة - تحكى لاكتشاف لأى مدى تكون الرغبة


تصايح الفأران، وتقافزا، ثم أدركا أنهما ينبغي عليهما التزام الصمت التام، فما يفعلانه سوف يجلب شركاء، غير مرغوب فيهم بالطبع.

كانت شجرة التفاح قد أسقطت كمية من ثمارها الناضجة على الأرض.

تلفت الفأران بحثاً عن أي غريب يكون بالمكان ...

- لا يوجد أحد.. ها.. هذا طيب جداً.

- إنها غنيمة و...

- ولا نصادف مثلها إلا مرة في العمر.

أغمض الفأران عيونهما، وراح كل واحد إلى سحابة ركبها، والأمنيات تلف رأسيهما ..

هنيهة.. لكن ...

ما هذا الخوف الذي حلّ بهما، وتمكن منهما ؟

ماذا لو جاء مَن هو أقوى، وطردهما، واستولى لنفسه على هذه الغنيمة، من ثمار التفاح ؟

أبداً. هذا لن يكون .

- لا وقت للأحلام الآن. أفق .

- حقاً.. حقاً.. أنت تقول الحق.. أفق أنت أيضاً .

إذن إلى العمل .

حمل كل فأر ثمرة تفاح، وبدأت الرحلة إلى الجحر.

كم من أحجار عطلت هذه الرحلة، وكم من حفر، وغدران، ووديان، كان عليهما تجاوزها، وكم من عدو قابلاه، وكان عليهما دائماً أن يكونا حذرين ماهرين في التخفي، والحفاظ على التفاحتين كالحفاظ على روحهما .

الآن وصلا إلى الجحر.

لا راحة، ولا كسل، هناك مهمة يجب إنجازها .

دفعا الثمرتين الطيبتين إلى داخل الجحر.

وإلى الشجرة في رحلة العودة وصلا، وتقافزا، كل واحد يحمل تفاحة، وإلى الجحر رجعا، ومثلما فعلا في البداية، أخذا يدخلان الثمرتين إلى الجحر.

كم مرة كانت رحلة الذهاب، والعودة ؟!

عشر مرات.. عشرين ؟!

لا أحد منهما يعرف، لأنهما لم ينتبها إلى حسابها .

ولكنهما يتذكران ذلك (الابن عرس) الذي اغتصب منهما تفاحتين، صارخاً :

- احملا هاتين الثمرتين إلى جحري. هيا.

الحمد لله من قبل، ومن بعد .

فابن عرس هذا لم يكن فضولياً، ولذلك لم يسأل الفأرين: من أين حصلا على هاتين التفاحتين ؟ ولم يسأل: هل هناك المزيد من هذه الثمار؟

كان همّه الأول والأخير أن يحصل على الثمرتين بلا تعب، وقد حصل عليهما فعلاً، مع راحته من حملهما إلى عتبة جحره.

- هنا . قفا ...

استدار ابن عرس، وصرخ في الفأرين، اللذين جعلتهما الصرخة يهربان بسرعة، وهما يضحكان من سذاجته، مع أنه - أيضاً - كان يضحك من سذاجتهما، ولكل فيما يرى، وفيما يفكر وجهة نظر!

في الرحلة الأخيرة كانت ثمار التفاح قد ملأت الجحر تماماً، وسدت بابه، باستدارتها، وحمرتها التي تلمع .

ووقف الفأران يهرشان رأسيهما، وهما يتبادلان حواراً دهشاً:

- أين ذهب الجحر؟هل نبيت في العراء ؟!

- لا يمكن. لكن.. أين ذهب الجحر؟!

- أنا الذي أسأل .

- لا. أنا الذي أسأل .

والآن. هل لديك أنت إجابة عن سؤالهما ؟!

أعتقد أن الإجابة لديك، وسوف تعرف أن الشيء الزائد عن حدّه، ينقلب لضده ..

الجمعة، 16 مايو 2008

المكسب والخسارة - تقرأ لمعرفة تدابير الشر وتداعياته

قال الأرنب : من طلب شيئا وجده ..
وهرب إلى جحره ، لا يطلب شيئا إلا النجاة النجاة ..
أما الغزال ، فقال : أنا لا أعلق الجرس فى عنقى ..
واختفى عن الأنظار خلف أجمة ترتفع حشائشها إلى الأعناق ..
أما الفيل ، ووحيد القرن فقد انطبق على حالهما هذا القول : " أشرى الشر صغاره "
أما النمر – وكان بالقرب – فقد مشى رويد رويدا ، وهو متيقن أن الجائزة من نصيبه ..
والذى حدث يفسر ويوضح كل هذه الأقوال ، وكل هذه الأفعال .. فانتبهوا ..
التقى الفيل ووحيد القرن على كره ، والكره يفتح أبواب الشر ، وأول أبواب الشر المفاخرة ..
رأى النمر أن مقتل الفيل بين فكي الفيل نفسه ، وكذا مقتل وحيد القرن يأتى بين فكى وحيد القرن ، وسوف يكون فك النمر براء من القتل ، ولأمر فى نفسه توقف ..
كان الفيل يصيح فى وجه وحيد القرن : أنا أقوى منك ..
تحسس النمر طريقه ، ونكأ الجرح ، وغمز وحيد القرن قائلا : هل تسكت ؟!
ابتلع وحيد القرن الطعم ، فأرعد : أنا الأقوى ..
رسم النمر على وجهه علامات الدهشة والتعجب ، وهو يقول للفيل : أنت بلا شك أكبر حجما ..
استحسن الفيل هذه الملاحظة ، ولكنه لم يهنأ بها طويلا ، إذ التفت النمر إلى وحيد القرن ، وقال له : أنت بلا خرطوم يا خرتيت ..
حول وحيد القرن قول النمر إلى تعريض ساخر بالفيل حين ضحك ، وهو يقول : هذا صحيح .. ليس لى خرطوم .. ها . ها . ها . ها ..
وقف الفيل كمن كلف إحضار مخ بعوضة !!
صاح النمر : هل تسكت ؟!
قال الفيل ، وهو يعود لامتلاك زمام نفسه : أنا لى سنان من العاج .. أما أنت فوحيد السن ..
وجاء الدور على وحيد القرن ليصمت أمام هذه الحقيقة ..
تحرك الفيل ليغادر المكان منتشيا بالنصر الذى حققه ..
أسرع النمر يقول لوحيد القرن : أنت أسرع من الفيل إذا عدوت ..
تراجع الفيل إذ سمع النمر يقول أيضا : أقارب الفيل يشتغلون فى السيرك .. رفع خرطومه بفخر فى الهواء ، ووقف على قدم واحدة من أقدامه ، ثم اعتدل ، وقال بفخر : هذا شىء لا يعرفه جنس وحيد القرن .
عند هذا زمجر وحيد القرن ، ونفر ، وأخرج الزفير من منخاريه صارخا : أقاربك يا فيل خدم عند أصحاب السيرك ..
ابتعد النمر قليلا ، وأفسح للغريمين عند انتهاء وحيد القرن من تعريضه بسلالة الفيلة ، فهذا انتهاء لشىء ، وابتداء لشىء ، والنمر يعرف .. التحم الفيل ووحيد القرن ، وعلا الغبار ، وكثر الجرى والطعن ، فالزيت فى العجين لا يضيع .. وهذا قول عرفه النمر وخبره ، لأنه دعا أصدقاءه النمور إلى وليمة طيبة من لحم الفيل ، ولحم وحيد القرن ، ظل النمر لمدة طويلة يقسم أن لحم الأحمقين أطيب لحم استمتع بطعمه واستلذه

الثلاثاء، 13 مايو 2008

روح الأشياء - تقرأ فى كل الأوقات

كتب الصبى بالقلم على وجه الصفحة البيضاء : أنا أكره .... صاحت الممحاة : قف .. توقف ..ارتعش القلم ، وبالفعل توقف ، فى حين قامت الممحاة بإزالة الجملة السابقة .عاد الصبى يكتب : أوامر أبى ، وأمى كثيرة ... لم يستطع القلم الاستمرار ، إذ أن الممحاة صاحت محذرة : وهل تكتب هذا يا قلم ؟!
أجابها القلم : لا .. لن أكتب أما الصبى فكتب : الليل طويل ، وأنا أخاف الليل.
لم تنطق الممحاة لأنها كانت تعمل فى محو هذا الكلام ، وحينما أراد الصبى كتابة واجبه المدرسى ، لم يطاوعه القلم ؟ وفى المساء نظر فيما كتبه سابقا فوجد صفحة الكراس بيضاء ، وحين اندهش ، اندهش بمفرده ، لأنه سمع القلم والممحاة والصفحة البيضاء تتكلم فى صوت واحد : اكتب ... اكتب .. أمسك الصبى بالقلم فأطاعه ، إذ كتب : أنا أحب أبى وأمى ، والناس ، ولا أخاف الليل لأنه شىء طبيعى يأتى بعد النهار، فأنا شجاع كان هذا فى السطر الأول .
وكتب فى السطر الثانى : أنا أحترم كبار السن ، وأساعد الآخرين .
وكتب فى السطر الثالث : الصدق مع نفسى ومع الآخرين ..
ابتسم الصبى لأنه وجد نفسه يسير فى الطريق الصحيح ؟
فكتب فى السطر الرابع : أحب النظافة والقراءة، وأحب وطنى ، وأعمل من أجله ابتسمت الصفحة البيضاء ، وقالت : هذا شىء عظيم سأحتفظ به، لن يضيع .. لن يضيع ..
إذا سأل أحد عن القلم والممحاة فسوف نقول له إنهما طوع أمرك ، إذا كنت قد فهمت أن لكل منهما روح مثلك ، وحين تمسكهما في يدك تتعانق روح كل منهما مع روحك .